نشعر بكم: ما يتمنّى الطلاب اللاجئون السوريون أن يعرفه أساتذتهم

 

ملخص

يبني اللاجئون الشباب مستقبلهم وسط حالة من عدم اليقين الشديد. يتراوح معدّل مدّة الصراعات اليوم بين عشرة وعشرين عاما، ولذلك يدرك اللاجئون الشباب أن عودتهم الى بلدهم الأصل شبه مستحيلة في الأجل القصير، وغير مرجّحة أثناء تحصيلهم العلمي وبدء حياتهم المهنية.

يتابع اللاجئون الشباب دراستهم أثناء فترة نزوحهم آملين بأن يكون ذلك سبيلا لفتح أفق جديدة أمامهم وإيجاد الفرص، سواء كانت تلك قصيرة أو طويلة الأمد، صغيرة أو كبيرة. يأملون خوض امتحانات نهاية السنة الدراسية بنجاح للانتقال الى المرحلة الدراسية التالية. يأملون بالإلتحاق بالجامعة ليصبحوا أطباء بيطريين ومهندسين وأساتذة. يأملون ببناء علاقات مع أقرانهم والشعور بالسعادة والأمان. يأملون بالمساهمة في مجتمعاتهم، أي في أماكنهم المتأثرة بالنزاع كما الأماكن التي يتواجدون فيها حاليًا.

 
 

إلّا أن الفرص المتوفرة للاجئين الشباب بعد تحصيلهم للعلم غالبا ما تكون محدودة. فكثيرا ما يكون غير مرحب بهم في منفاهم، ويعيشون في حالة خوف دائم من أن تنزع عنهم صفة اللجوء. بالإضافة الى ذلك، يواجهون قيودا شديدة تعيق وصولهم الى التعليم الجامعي وحقهم في العمل والتملك، كما تحدّ مساهمتهم في المجتمعات التي يعيشون فيها.

كيف يمكن للتعليم أن يسهم في تضييق الفجوة بين الفرص التي يحلم بها اللاجئون وتلك المتاحة أمامهم في سياقات التهميش الشديد هذه التي يعانون منها؟

أردنا أن نتعرّف من اللاجئين الشباب على تجاربهم وأفكارهم حول تضييق هذه الهوّة. شملت دراستنا ثمانية أشهر من المشاهدات في المدارس في لبنان، إضافة إلى أكثر من مائة مقابلة أجريناها مع طلاب سوريين في الصف التاسع، كما أساتذتهم وعائلاتهم.

تعلمنا من الطلاب أنّه صعب ولكن غير مستحيل على المعلّمين مساعدتهم في تضييق هذه الهوّة. يصف الطلاب الأنشطة والسبل التي يعتمدها أساتذتهم لمساعدتهم على التقدّم في سياق تعليمي وبنيوي إقصائي وجامد. مثلاً، يشمل ذلك عزلهم بنيويا واجتماعيا في الدوام الثاني (أي ذهاب السوريون الى المدرسة بعد الظهر واللبنانيون في الصباح) وتغريبهم عن منهج تعليمي لا يعترف بتجاربهم. يسعى المعلّمون إلى سد هذه الفجوات عبر أساليب التعليم وبناء العلاقات – ما نشير إليه بالنظم التربوية المبنية على قدرة التوقع، الشرح، الإنصاف، والرعاية.

ستشاهدون بعضًا من هذه النظم التربوية بشكلها الفعلي من خلال رسوم متحركة جميلة منبثقة عن بحثنا التعاوني، المموّل من مجلس البحوث النرويجي. أنتج فريقنا هذه الرسوم المتحركة بالتعاون مع PositiveNegatives والفنانة سوسن نورالله. كما أدرجنا أدناه أفكارًا ملموسة يمكن لصانعي السياسات والمعلّمين والباحثين أن يحملوها كي يدعموا هذه الممارسات.

Read the English version here.


الخلاصات الأساسية

نقدّم أدناه خطواتٍ وإجراءات عملية مبنية على البحث الذي أعددناه.

+ لصانعي السياسات

آراء خطوات عملية
يصف اللاجئون الشباب أنفسهم "بالمتأخرين". فهم متأخرين، بالمعنى الحرفي للكلمة، عن الطلاب المواطنين كونهم يرتادون المدرسة فقط في فترة ما بعد الظهر ولمدة أقصر من زملائهم المواطنين. كما أنهم يعانون في محاولة التعويض عن سنوات الدراسة الضائعة وفي سعيهم لتعلّم لغة الإنكليزية الجديدة عليهم. بينما يعترف الشباب اللاجئون أنه "لا يوجد بلد يفضل الآخرين على مواطنيه"، يمكن للقادة في مجال التعليم أن يخففوا من مشاعر التأخر هذه عبر تحقيق المساواة في الوصول الى الموارد والدعم وتوزيعها وفق الاحتياجات الخاصة للطلاب اللاجئين، بما في ذلك زيادة ساعات التدريس، وتخصيص التعلم التعويضي أثناء أو بعد ساعات الدراسة العادية، وتوفير الدعم اللغوي.
يصف اللاجئون الشباب التحديات التي يواجهونها في العثور على مساحات تسمح لهم بمناقشة هوياتهم وتاريخهم وتجارب الإقصاء التي مرّوا بها. فكما وصف أحد الطلاب، غالبًا ما يقول المعلمون، "لا تتدخلوا في السياسة. نحن هنا كي ندرس وليس للحديث بهذه المسائل." حتى عندما لا يكون ممكنًا معالجة قضايا الهوية والإقصاء والسياسة في المحتوى والمناهج الدراسية النظامية، يمكن للقادة في مجال التعليم تزويد المعلمين بالاستقلالية التعليمية المناسبة للترحيب بالأحاديث غير الرسمية والحوارات الإضافية التي تسمح للطلاب باستكشاف التساؤلات، بشكل مناسب، حول هوياتهم ونزوحهم وتجاربهم الحالية في المنفى.
يثمّن اللاجئون الشباب أنظمة التعلّم المبنية على قدرة التوقع، الشرح، الإنصاف، والرعاية (أنظر أدناه للجزء الخاص بالمعلّمين). يمكن للقادة في مجال التعليم أن يدعموا الأساتذة في تعزيز وغرس هذه النظم التربوية. فبرامج تدريب الأساتذة الموجودة غالبًا ما تشدد على أنظمة التعلم المبنية على التوقع والشرح، ولكن يحتاج أساتذة اللاجئين الوصول الى هذه البرامج. غالبًا ما يتم تجاهل النظم التربوية المبنية على الرعاية والإنصاف، وهي ممارسات قائمة على العلاقات الانسانية، في برامج تأهيل الاساتذة وتطورهم المهني. إن تعلّم وممارسة هذه النظم التعلّمية يستغرق الوقت ويتطلب تطورًا مهنيًا هادفًا، مستمرًا، ومتواصلاً.

+ للمعلّمين

آراء خطوات عملية
يثمّن اللاجئون الشباب نظم التعلّم المبنية على قدرة التوقع إذ أنها تتضمّن بيئة هادئة وتوقعات واضحة. يمكن للاجئين الشباب أن يتعلّموا بشكل أفضل حين يشعرون أنهم قادرون على توقّع بيئة الصف عبر توفّر جدول محدّد، وحيث يكون الجو هادئًا وليس صاخبًا، وحيث تتواجد توقعات واضحة حول سلوك الطلاب يتم تحديدها جماعيا.
يثّمن اللاجئون الشباب نظم التعلّم المبينة على الشرح، بما في ذلك الإجابة على الأسئلة وجعل المواد التعليمية ذات صلة للطلاب. يمكن للاجئين الشباب اللحاق بزملائهم المواطنين والتغلّب على مشاعر "التأخّر" حين يركز الأساتذة على تفسير المحتوى الذي يدرسونه، بما في ذلك استخدام مصطلحات بسيطة (بالأخص حين تكون المصطلحات اللغوية معقّدة أو بلغة جديدة)، الإجابة على الأسئلة، ترسيخ الأفكار والمفاهيم، التركيز على منهجية الوصول إلى الحقائق عوضًا عن الحقائق نفسها، والتفاعل مع الطلاب حول أهمّية ما يتعلّموه وعلاقته بالواقع.
يثمّن اللاجئون الشباب النظم التعلمية المبنية على الإنصاف، والتي تساندهم في التعامل مع والتغلّب على عدم المساواة التي يختبرونها في دراستهم وفرصهم. يريد اللاجئون الشباب أن يتعلّموا نفس المواد التي يدرسها الطلاب المواطنين. فهم يقدّرون الأساتذة الذين يرون ويعترفون باحتياجاتهم المختلفة، بما في ذلك حين يعمد الأساتذة إلى ترجمة المواد للتخفيف من وطأة حواجز اللغة. يقدّرون الأساتذة الذين يدعمونهم عبر موائمة بعض المحتويات التعليمية التي تبدو إقصائية أو لا تعترف بهم كونهم لا يتمتعون بنفس الحقوق والفرص التي يتمتع بها الطلاب المواطنين، كي تصبح ذات صلة بالنسبة للطلاب اللاجئين.
يثمّن اللاجئون الشباب النظم التعلّمية المبنية على الرعاية، بما في ذلك الإصغاء، اللطف، والترحيب بهم. يتعلّم اللاجئون الشباب بشكل أفضل ويشعرون بدافع أكبر لتحقيق أهدافهم المستقبلية حين يبذل الأساتذة جهدا ليتعرّفوا عليهم كأفراد، عبر الإصغاء لأفكارهم وهواجسهم، مقاربتهم بلطف، وكما وصف أحد الطلاب أستاذًا "لم يشعرنا أبدًا بأننا كنا ندخل بلدًا ليس لنا."

+ للباحثين

هناك حاجة للمزيد من البحث للتعمّق في المواضيع التالية:
  • تجارب اللاجئين التعلّمية على المدى البعيد، وآثار ما يتعلّموه وكيفية تعلّمهم على أنواع الفرص التي يمكنهم الوصول إليها وخلقها؛

  • سبل دعم وتعزيز النظام المتخصص للتطوير المهني للأساتذة وتوفيره لجميع المدرّسين، بما يسمح بإدماج نظم التعلّم المبنية على قدرة التوقع، الشرح، الإنصاف والرعاية؛

  • الممارسات الخاصة بالواقع المحلي وسياقه التي يستخدمها الأساتذة أو يمكنهم استخدامها من أجل دعم الطلاب اللاجئين في التعامل مع الظروف السياسية والاجتماعية التي يعيشون ويتعلمون فيها، والتي غالبًا ما تكون إقصائية وغير منصفة.

 
 

إقتباس

درايدن بيترسون سارة، فيدور شوبرا، جمانة تلحوق، كارمن جحا. (٢٠٢١) نراكم: ما يتمنّ الطلاب اللاجئون السوريون أن يعرفه أساتذتهم. Refugee REACH Initiative، كلية الدراسات العليا للتعليم بجامعة هارفارد، كامبريدج، الولايات المتحدة الأمريكية.